احصائيات

عدد إدراجاتك: 9

عدد المشاهدات: 1,622

عدد التعليقات المنشورة: 0

عدد التعليقات غير المنشورة: 0

دفتري.كوم
تصفح صور دفتري تصفح اقتباسات دفتري تسجيل / دخول






Articles

أُريد أن أُصدّق نظرة أبي .

‏كُنتُ في العاشرة من عُمري منذ أن صعدتُ للمسرح لأشارك في مسابقة لأجمل فتاة ، كان أبي يدفعني بكلتا يديه كي أصعد .. وأمي تُخرِج أحشاء حقيبتها بأصابعها الهزيلة بحثاً عن الهاتف ، لتخلّد أولى لحظات هروبي إنكساري . بشعري الطويل المُنسدل وسماري الذي ينفّر الناظرين إليّ ، صعدت .
بنظرة أبي الفخورة .. النظرة التي تجعلني الأميرة الوحيدة بينهن ، الجميلة الوحيدة ، صعدت .                                                        
 منذ أن صعدت وأنا أُلــوّح لأبي ، لأمي ، وللكاميرا التي تشهدُ نسياني وتهميشي .
 منذ أن سحبتني يداً ثقيلة عن يميني لطرفٍ بعيد ومنعتني من الصُعود رُغم أن الفتيات من حولي يصعدن بِـتعالِ ، منذ تلك اللحظة وأنا معتادة على الأطراف ، معتادة على أن لا يلحظني أحد .
اليوم هُو يومي الأول بهذه العدسة المُـكبرة ، منذ ذلك اليوم وأنا أظن أن الأشياء ، تراني كما أراها ، بنفس هذا الغشاء الذي يلمّ عني التفاصيل خلفه ، ظننت أنه يحتظنني كـكـل الأشياء .
 نسيتُ إختلافي .... ودائماً ، ما أنسى إختلافي .
عندما نظرتُ للمرآة ورأيتُ وجهي ، فهمت لمَا يهرب الأصدقاء ، كل الأصدقاء من الجلوس معي ، فهمت كيف لهذا الوجه القبيح أن يُنفّـر الناظرين ، مني .                                                             
أشعر وكأنني أعيد إكتشاف الأشياء مرةً أخرى ، بطريقة أخرى . كل شيء غير ماعهدته ، رغم هذا الغشاء كنت دائماً قادرة على أن أميّـز ملامح الحزن والفاقة ، لكن الآن ، أصبح شكله بعد هذه العدسة اللّعينة ، لا يفارقني ، إن لهما تلك الملامح التي تظلّ معلّقة للأبد ، الملامح التي يعجز النسيان عن محوها .                                                           
 اليوم هو يومي الأول بهذه العدسة التي حرمتني ثقتي بالتخفي ، لقد قضيت تسع سنوات ، تسع سنوات كاملة أعتقد بأنّ هذه النظرة المجرّدة من العمق والتفاصيل ، النظرة التي أنظر بها ، هيَ ذات نظرة هذا الكون لي .
لقد أرهبتني فكرة أن أكون حقيقية وواضحة لأحدٍ ما لهذه الدرجة ، الدرجة التي أنظر بها لنفسي من خلال العدسة المكبّرة ، البغيضة .                                                        
 خشيت كثيراً من أن أكون أمام شخصٍ ما بهذا القبح وهذا الحزن ، بهذه الضآلة وبهذا الحجم من التعب .               
 تسع سنوات كاملة لا أرى فيها هذا الظلام ، الموت الكثيف أسفل عيناي ، تسع سنوات ، أظن فيها أن الأطراف تحميني من الأعين التي تخلّد لحظات هروبي وإنكسـاري .
لقد منعني هذا الغشاء من أن أرى الفرق بيني وبين الصاعدات ، ظننت أن أحداً لن يلحظني بعد تلك اليد التي دفعتني للطرفِ البعيد ، منذ أن إحتميت بكل الأطراف البعيدة وأنا على ظنّ أن الأشياء لن تلحظَ وجودي .                          
اليوم هو يومي الأول بهذه العدسة المكبـرة ، اليوم الأول الذي أرتعش به من شدة الوضوح . لقد خفت من أن أصدق أن الأعين المبحلقة فيّ ، قد تراني بكل هذا الوضوح ، أن تكون هذه المسـامّ المشرّعة ، المعبئة بالذكريات ، حقيقية وواضحة ، أن الكاميرات الملاحقة والأعين الممحلقة تلمح ، كل هذا القُبح .                                                     
  أريد أن أنسى هذا اليوم الجحيم ، أريد أن أنسى هذا الوجه الذي أرعبني وضوحه ، أن يكون النسيـان سهلاً ، أن يكون قوياً أمام فاجعة قوية كالحـقيقة ، كالتفاصيل .                                                     
 أريد أن أنسى اليد التي تركت في مسامي بقايا تذكرني بإختلافي،أن أنسى كل الأعين التي شهِدت هروبي وإنكـساري .                                                      
 أريد أن أنسى هذه النظرة من خلف العدسة المُكبرة ، المسـام المفتوحة المُعبأة بالماضِ ...
أرفض أن أُصدق كل مارأيته من خلف العدسة البغيضة من حقائق ، وأريد أن أُصدق بأن الغشاء يحجب الأعين المبحلقة والممحلقة من كل الجهات ، عني ، أريد أن أُصدق نظرة أبي الفخورة ، أن أصدق يداه التي دفعتني للصعود ، أن أصدق أمي ، ولهفتها .              
أريد أن أنسى نظرتي ونظرة هذا العالم المليئ لي ، وأن أُصدق نظرة أبي وحده .

اضافة تعليق


مسجل في دفتري
نص التعليق
زائر
نص التعليق

09:14م | 07 شباط، 2019
والله كلماتك كالسيف اختي المبدعة .. اتمني ان تكتبي هذا المقال في المواقع التواصل الاجتماعي مثل الفيسبوك و غيره .. لا تعريفين يمكن ان تشعل شرارة بهذه الكلمات.. لأن هذا الموقع غير معروف .. والله صدقيني مبدعة ثم مبدعة ثم مبدعة .. نصيحتي لك كوني شجاعة و اكتبي كل شي علي الفيسبوك ..... اختك ميساء من تونس