احصائيات

عدد إدراجاتك: 9

عدد المشاهدات: 1,622

عدد التعليقات المنشورة: 0

عدد التعليقات غير المنشورة: 0

دفتري.كوم
تصفح صور دفتري تصفح اقتباسات دفتري تسجيل / دخول






Articles

حيث إنتهى كل شيء .

‏في اللحظة أفسدتُ قسمي الذي مضى عليه سبعة سنوات ، القسم الذي كِبر معها يومًا خلف يوم .
في ٢٠١٣ عام التبريكات والبشائر ... عام قدوم طفلتي الوحيده ونصيبي من هذه الحياة .
في هذا العام خرجت إيمان وقسمي أن لا أكتب مرةً أخرى من رحم واحد .
أنا عُمر ، ذاك المراهق الذي لم يأخذه أحدًا على محمل الجدّ .
من لم تقع عليه عينًا حانيه أو يسأله أحدًا عن كل هذا الشحوب .
أنا من لا يعرفه أحد ، أنا الذي ترك الكتابة من الخوف والجُبن ، تركها كي يتخلى عن عذاب كونه إنسانًا لهذا الحدّ ، حقيقيًا لهذا الحد .
معكِ كنت أكبر من جديد ، منذ ذاك العام إلى هذه اللحظة بطريقةٍ أفضل ، بلا ألم ولا حِرمان .
أنا الذي شـاخ يا إيمـان من قبلك ، وعاد طفلًا ينمو معك .كنت سأقول لها .
كنت أحب أن أُعيد إكتشاف الأشياء بجانبها ، أشاركها نظرتها ، وأحب الجمال الذي تخلقه تلك العينين بالنظر إليه . تضحك أوجهنا سويًا ويتحطم هذا القلب إذا عَبَسَت .
علّمتها كيف تكتب الحروف حرفًا يجرّ آخر ... علّمتني بدورها كيف أجرّ الحروف وأقولها بخسائرٍ أقل .
في أول خطوةٍ لها كنت أحلّق ، قدماها الصغيرتان تلمسان الأرض وأنا لا يسعني صدر السماء .
لقد مضى الكثير على آخر مرة شعرت فيها بأن هذا القلب يعتصر من الألم ، ومتيقنٌ بأنه محمي منذ أن أصبحت هي عالمي كله .
تبقى القليل على إنتهاء الدوام المدرسيّ لإيمان ، ألمّ الأوراق المترامية على صدر المكتب ، أجمع أجساد الأقلام المشتته دون أن أدري أن جسدها الهزيل تشتت . دون أن أدري أن يداي ، ستلمّ قطع جسدها المترامي عن صدر الأرض .
سمعت دويّ الإنفجار ، دويّ رحيلها عني .
لقد تأخرت كثيرًا كل ما فيّ يأبى الحظور ، يأبى من جعل حادثة رحيلها حقيقة .. أرى الأجساد تزحف أمامي من الخوف والهلع ، كل الشفاه الشاحبه تدلّ على أن الجُرح إتسع ، كل أجساد الآباء هزيلة أمام جثة الموت . وجسدي هزيل أمام حِمل موتك .. يا طفلتي .
أعبر الممر دون أن أدري إن كانت على الأرض أم تحتها ، لا أدعي ولا أبتهل لكن هذا القلب يعتصر . لا أردد سوى إسمها الذي جعلني مؤمنًا بالحياة ، وصدري بالشكّ يتمزق .
لا إيمان .. لا أريد أن أفقدك .
أخبروني أن أبحث عنها في الفناء بين العديد من الأجساد الهامدة كهذا القلب منذ فقدِها ، وأن هناك أملاً إن لم أجدها أن أبحث عنها بين الأجساد ، أو نصف الأجساد المُلقاه على الأسرّة وتلتفّ من الرعب والألم.
بفمي المفتوح أحاول أن أُخرِج الكلمات ، إحدى قدماي تتخاذل وأمل بقاءها وحده كان يسندني .
وجدت حقيبتها ملقاه على السلّم الذي يوصل مابين فصلها الصغير والفناء ، كنت أتحاشى فكرة أن تكون الدليل على رحيلها للأبد .
حقيبة وردية اللون مثل الحياة بجانبها ، كانت تُفضّل - دُورا - وكان على الحقيبة صورةً لها ، لملمت ما سقط من الحقيبة من كتب ، لملمت كل سراب الأمل عن الطريق ، أخذت كل ما يعنيها ، حقيبتها والرعب الذي رمته بجانبها ، لملمت خطواتها الأخيرة للفرار ، لملمت كل شيء يخصها كي أعيده لها ، كي نعود . نعود لمنزلنا حيث عالمنا ، حيث كل شيء يخصنا ويعنينا بعيدًا عن الحرب ، بعيدًا عن الموت والفقد والأشلاء المتناثرة .
حملت حقيبتها على ظهري ، ألمٌ فوق ألم ، حملتها ثقيلةً لأول مرة وحَبونا نبحث عنها معبئين ببقعٍ حمراء وبخوفٍ وهلع .
نصف جسدٍ مُلقى ، جسد بلا أقدام ، وجه بلا ملامح والدم عليها من الخارج عوضًا عن الداخل .
كنت كشبحٍ أرتعش على بعد خطوات عن جسدها الذي لا يعنيه شيئًا من هذه الحرب وراح أشلاءً لها ، كورقةٍ كنت أمام مهب ريح موتك .كنت أعيش ألمًا آخر أرى نصف جسدها المُلقى أمامي ، أرى ألمي بكل وضوح ملتصقًا بالأرض بظهرٍ مقوّس وبحملٍ كبير .
إلى هنا إنتهى
كل شيء دفعه واحدة .
كان ياما كان في قديم الزمان ظننت أنني حصلت على المكان الذي لن أكونَ فيه وحيدًا ، المكان الذي سينظر إليّ فيه أحدًا وأقول له كل الكلمات بخسائرٍ أقل .
كنت أحلم أن أستمر بالقدوم له محملًا بالبهجة والأمنيات ، لكن اليوم فسَد كل شيء ، من قسمي إلى عالمنا الذي كان يخصنا وحدنا .
قدومي اليوم وأنا أحمل جسدها ، نصف جسدها بيديّ وحقيبتها على ظهري ، حاملًا جثة البهجة ، الحب والحياة الوحيدة التي حظيت بها .
هنا إنتهى كل شيء بدءًا بكل ما يخصني ، ونهايةً بي .
عُدت كالأبله لحيث لا أدري إن كنت أنتمي ، لحيث الوحدة والقلق وكـافرًا بكل ما آمنت به فيك .
هنا إنتهى كل شيء .

اضافة تعليق


مسجل في دفتري
نص التعليق
زائر
نص التعليق